الجزائر تزخر بمخزون ديني وروحي مؤثر في إفريقيا

تزخر الجزائر بمخزون ديني وروحي مؤثر في إفريقيا يتمثل في أكبر الطرق الصوفية التي ساهمت في نشر الإسلام وتعاليمه السمحة من خلال أئمة أجلاء قاموا بأدوار بارزة في المجالات العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مثلما أكده عميد كلية الآداب والفنون والعلوم الإنسانية بجامعة “آدم بركة” بالتشاد، الدكتور عطية جويد جار النبي.
وأوضح ذات الباحث الأكاديمي في سلسلة مقالات نشرتها وسائل إعلام تشادية، إثر مشاركته شهر ديسمبر الماضي بالجزائر العاصمة في ملتقى دولي حول الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي، أن هذا المخزون الديني والروحي الذي تملكه الجزائر يتمثل في أهم الطرق الصوفية كالتيجانية والقادرية اللتين يبلغ عدد مريديهما أكثر من 600 مليون في العالم، بينهم أزيد من 200 مليون بجنوب الصحراء.
وفي السياق ذاته، أشاد الدكتور جار النبي بالجهود التي تبذلها الجزائر في التعريف بالدين الإسلامي الوسطي المعتدل، القائم على المرجعية السنية والفقه المالكي والعقيدة الأشعرية ودورها من خلال تشييد صرح جامع الجزائر في تفعيل الدبلوماسية الدينية والسياحية والروحية عبر التكوين العالي في علوم الشريعة ليس للجزائريين فحسب وإنما لكل طلاب العالم وخاصة الأفارقة.
وفي مقالاته تحت عنوان “الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي: رائد الحوكمة، رمز ومفتاح الجزائر إلى إفريقيا”، عاد عميد جامعة “آدم بركة” إلى موضوع الملتقى الذي شارك فيه رفقة العديد من مشايخ وأئمة الجامعات والزوايا الإفريقية، والذي تناول فكر وسيرة الإمام المغيلي الذي وصفه بـ “الرجل الداعية وقامة من قامات الدين الحنيف”.
وأضاف أن الشيخ المغيلي “جزائري الأصل والمولد، لم يكن يترك مكانا في أرض الجزائر الطاهرة إلا وبلغه جسدا وروحا من خلال علمه وكان من العلماء القلائل الذين غطى وأثر وأثرى فكرهم بقاع ومساحات شاسعة من إفريقيا والدليل هو الأعداد الحافلة من مريدي طريقته الصوفية وأيضا أحفاده المنتشرين في ربوع أرض إفريقيا، خاصة في منطقة الساحل وغرب إفريقيا والذين يمثلون الامتداد الطبيعي للجزائر في عمق إفريقيا عبر الزوايا”، مؤكدا أن الإمام المغيلي يمثل “رمز ومفتاح الجزائر إلى إفريقيا”.
كما اعتبر أنه “من أبرز الذين سجلوا اسمهم في التاريخ كأحد العلماء الأجلاء على ما قام به من أدوار بارزة في المجالات العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فكان من أبرز الذين نشروا تعاليم الإسلام السمحة في إفريقيا”.
وبتفصيل دقيق، سرد الدكتور جار النبي برنامج الزيارة الذي خصص للمشاركين في الملتقى وشمل 8 ولايات شد إليها الرحال الإمام المغيلي، انطلاقا من الجزائر العاصمة، حيث تمت زيارة مقام العلامة عبد الرحمان الثعالبي الذي أخذ المغيلي عنه ورد الطريقة القادرية سنة 875 هـ /1470م ثم مقر الزاوية البلقايدية الهبرية وجامع الجزائر.
كما شملت الزيارة أيضا ولاية بجاية، حيث تم بها الوقوف عند المعالم التي قصدها الإمام المغيلي والمشايخ الذين تتلمذ عندهم في علوم الفقه والتفسير والحديث وغير ذلك من العلوم، بالإضافة إلى جامع القصبة وحصن موسى ومنارة رأس كاربون، واختتمت الزيارة بمسجد العلامة عبد الحق الاشبيلي.
وأشار الباحث الأكاديمي إلى أن المغيلي توجه إلى بجاية، باعتبارها حاضرة من حواضر العلم والثقافة العربية الإسلامية وقبلة للعلم والعلماء من المشرق والمغرب وحتى الشمال والجنوب أي أوروبا وإفريقيا، حيث تتلمذ فيها على يد علماء أجلاء من أمثال العلامة أحمد بن إبراهيم البجائي والعلامة أبو علي الزواوي المنجلاتي والعلامة يحي أبو زكريا التدلسي.
وبولاية وهران، تم التوقف عند مسجد الشيخ الإمام العلامة عبد الحميد بن باديس، وصولا إلى مسقط رأس الشيخ محمد بن عبد الكريم المغيلي وهي مدينة تلمسان، حيث تمت زيارة الجامع الكبير وعمره عشرة قرون وكذا قصر المشور الذي شيده يغمراسن بن زيان في أوائل القرن الثالث عشر، إلى جانب مسجد ضريح سيدي أبي مدين شعيب الغوث.
ويتناول الباحث في المقالات المتبقية من هذه السلسلة تفاصيل زيارته إلى باقي المعالم الدينية التي وقف عندها الإمام المغيلي طالبا للعلم ثم إماما وداعيا إلى دين الله، وكانت النقطة الأخيرة في الزيارة هي ولاية أدرار.